بقلم: أحمد المهدي صفوت
في زمنٍ كثرت فيه الوجوه وتباعدت فيه القلوب، ظهر ما يُعرف بـ"صداقة المنفعة"، أو الأخوة المؤقتة المرتبطة بالحاجة والمكسب، لا بالحب والإخلاص. صداقات تبدأ ببشاشة وتنتهي عند أول موقف لا يخدم المصلحة.
قال تعالى:
*"ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام"* (البقرة: 204).
تلك هي الصداقة التي تقوم على الكلام المعسول، لكنها تفتقر إلى الصدق والنية السليمة.
ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية انتقاء الصديق الصادق، فيقول:
"المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل."
فالصديق لا يؤثر فقط في تصرفاتك، بل قد يُغير فيك مسارك، ودينك، وسلوكك. فاحذر أن تصاحب صاحب منفعة لا صاحب مبدأ.
وقال أحد الحكماء:
"صديقك من صدقك، لا من صدّقك."
فالصديق الحق هو من يقول لك الحق، لا من يُزين لك الخطأ ليكسبك.
وفي *الإنجيل* ورد:
"من يحب أخاه يثبت في النور، وليس فيه عثرة." (يوحنا الأولى 2:10)
والمقصود أن المحبة الحقيقية لا تُبنى على شرط أو مصلحة، بل هي نور باقٍ.
وتراثنا الشعبي لم يغفل عن ذلك، فمنه:
"أخو المصلحة ساعة، وأخو الضيق ساعة ما تلقاه."
الفرق بين الصداقة الحقيقية وصداقة المنفعة
الأولى تبنى على القرب الروحي، والمواقف.
الثانية تُبنى على الاستغلال وتنهار بانتهاء الغرض.
دعونا نراجع أنفسنا ودوائرنا…
هل علاقتنا بالناس قائمة على الود؟ أم على الحساب؟
ولنسأل أيضًا: هل من حولنا يحبوننا لأجلنا، أم لأجل ما نملك؟
الصداقة شجرة، إن سُقيت بالوفاء أثمرت عمرًا طويلًا… وإن سُقيت بالمصلحة، ذبلت سريعًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق