بقلم: أحمد المهدي صفوت
في هذه الحياة، يفتن الناس بالمنازل العالية والقصور الواسعة، ويتباهى بعضهم بأثاث فاخر ومسكن فاخر، ظنًّا أن الرفعة في الدار هي دليل الرفعة في القدر... لكن الحقيقة التي يغفلها كثيرون، أن المنازل في الدنيا مؤقتة، تُبنى بالمال، أما منازل الآخرة فتُبنى بالأعمال.
قد ترى من يسكن القصور وهو في الحقيقة مفلس عند الله، وتجد من يسكن حجرة ضيقة لكنه عند الله في أعلى عليين.
ففي الدنيا تُشترى المنازل بالعقود، أما في الآخرة فلا تُشترى إلا بالخشوع والركوع والسجود.
قال الله تعالى: "وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون" (العنكبوت: 64)
وقال ﷺ: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم." (رواه مسلم)
كل يوم نرى منازل تُشاد فوق الظلم، وأموال تُنفق على المظاهر، ومجتمعات لا ترى إلا من يملك.
لكن في الآخرة... كل ذلك يُنسى.
لا نسب ينفع، ولا مال يدفع، ولا منصب يشفع.
الميزان هناك: عملك، قلبك، نيتك.
في الدنيا... قد تكون بلا عنوان، لكن في الجنة لك قصر ينتظرك إن كنت من الذاكرين.
قال رسول الله ﷺ: "من قرأ قل هو الله أحد ،عشرة مرات بني له قصر في الجنة."
وتخيل كم منزلاً يمكنك أن تبنيه بذكرٍ، أو بدمعة، أو بسجدة خفية.
وفي المقابل...
قد تُظلم في الدنيا، يُسلب حقك، يُهان قدرك، لكن لا تيأس، فالله يعيد ترتيب المنازل في الآخرة بدقة إلهية لا تعرف الظلم.
يقول الشاعر:
تفاخَر أهل القصور بأثاثهم...وغابوا عن مآل القبور وساكنيها
فما القصر إلا عارية مستردة...وما الدار دارك إن لم تعمرها بتقواك
فاللهم اجعل لنا بيتًا في الجنة، نرتاح فيه بعد تعب، ونُكرم فيه بعد ذل، ونأمن فيه بعد خوف.
ولا تجعلنا ممن عمّروا دنياهم وخرّبوا آخرتهم.
اللهم اجعل منزلنا مع نبيك ﷺ في جنات النعيم.
ولا تغتر بمن نال الدنيا، فإن الآخرة وحدها تُعيد ترتيب المنازل… ترتيب لا يظلم فيه أحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق