اعداد/م.عماد سمير
"أُجبرت على النوم بجوار جثة زوجها"
(قصة رعب تاريخية – مستوحاة من وقائع حقيقية وأساطير البلاط الأوروبي)
في شتاء عام 1637، أسدل القصر الملكي في تورينو ستائره الثقيلة.
مات الدوق فيتوريو أميديو الأول فجأة، وارتجفت أروقة آل سافوي؛ فالموت هنا لم يكن نهاية… بل بداية طقس قديم.
كانت كريستين ماري دي فرانس—الفرنسية التي أصبحت دوقة سافوي—تعرف الهمس، لكنها لم تصدقه يومًا. حتى جاءت العجوز الكبرى من حاشية القصر، وانحنت وهمست قرب أذنها:
“الليلة لا جنازة…
الليلة حراسة.”
أُغلقت الأبواب الحجرية، ووُضع الجسد على الفراش الملكي كما لو كان نائمًا.
لم يُنزع الخاتم. لم تُغطَّ العينان.
قيل لها إن روح دوقات سافوي تتلكأ؛ إن تُركت وحيدة في الليلة الأولى، عادت تطلب حقها.
كان الطقس معروفًا باسم “ليلة العبور”—لا يُدوَّن، ولا يُذكَر للكهنة.
الأرملة تنام بجوار الجثة حتى الفجر.
لا بكاء. لا صلاة. لا حركة.
مع انتصاف الليل، تغيّر الهواء.
لم تتحرك الجثة… لكن الفراش صرَّ.
سمعت كريستين صوت أنفاس لا تُرى، ورائحة الحديد البارد صعدت من بين الأغطية.
اقتربت الشفاه الشاحبة من أذنها دون أن تلمسها:
“العرش لا يحب الفراغ.”
تذكّرت ما قيل لها عن شارل إيمانويل الأول—الجد الذي قيل إن زوجته صرخت في ليلتها، فاستيقظ القصر على ثلاثة موتى قبل الفجر.
وتذكّرت الخادمة التي حاولت الهرب من الجناح الشرقي، فعُثر عليها عند الصباح وقد ابيضّ شعرها دفعة واحدة.
حين لامستها اليد—لا دافئة ولا باردة—تجمّدت.
لم تكن يد إنسان حي…
ولا يد ميت كامل الرحيل.
مع أول خيط للفجر، فُتح الباب.
نهض الجسد أخيرًا—لا بالحركة، بل بالسكون النهائي.
خرجت كريستين من الغرفة امرأة أخرى؛ صامتة، صارمة، بعينين لا تنامان.
منذ تلك الليلة، لُقبت بـ “مدام ريال”—السيدة الحاكمة—وقيل إن صلابتها لم تكن سياسة فقط، بل بقايا ليلة لم تُنسَ.
في قصور تورينو، ظل الجناح الشرقي يُغلق بعد منتصف الليل.
الخدم يقسمون أنهم يسمعون صرير فراش…
بعد الدفن بأيام.
ويقول مؤرخو البلاط إن سقوط الملكية لم يُنهِ اللعنة؛
فآل سافوي—منذ تلك الليلة—لم يعرفوا نومًا بلا حراسة.
لأن من نام مرة مع الموت…
لا ينام بعده وحيدًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق