الخميس، 4 ديسمبر 2025

عندما تظل الحلول القديمة تحكم المستقبل… وتموت الأفكار الجديدة في الطريق !!!

عندما تظل الحلول القديمة تحكم المستقبل… وتموت الأفكار الجديدة في الطريق !!!!
بقلم : ماهر حسن مفتاح 
كاتب صحفي وخبير في الاقتصاد السياسي 
أعلن رئيس الوزراء مؤخرًا عن خطة لإنشاء 10 آلاف غرفة فندقية في محيط المتحف المصري الكبير والأهرامات، بالتعاون مع القطاع الخاص .
خطوة كبيرة تعكس رغبة الدولة في زيادة الطاقة الاستيعابية وتحسين البنية السياحية .
لكن هذا الإعلان يفتح سؤالًا مهمًا :
هل بناء المزيد من الغرف هو الحل الحقيقي ؟
أم مجرد تكرار لنفس الأسلوب القديم بتكلفة أكبر ؟
 الاعتماد على الحلول التقليدية مهما تغيّرت التحديات
لسنوات، يتم تقييم نجاح السياحة في مصر بعدد الفنادق والغرف ، وليس بتجربة السائح .
في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو السياحة التجريبية ( Experiential Tourism ) 
، ما زلنا نركز على المباني وليس على المعنى…
على العدد وليس القيمة…
على الضخامة وليس الابتكار .
مصر مليئة بالفرص، لكننا نستخدم دائمًا نفس الأدوات ، وننتظر نتائج مختلفة .
حين تصبح الفكرة الجديدة أصعب من بناء فندق جديد
قدّمتُ مقترحًا لتجربة سياحية مبتكرة تحمل اسم
 “ الكبسولة الزمنية ” " مصر الأبدية 
 — تجربة بسيطة في التنفيذ ، قوية في التأثير، تعتمد على الهوية المصرية وتخلق قيمة سياحية دون ميزانيات هائلة .
ولكي أكون مواطنًا ملتزمًا بالمسار الرسمي :
 تقدّمتُ إلى رئيس مجلس الوزراء
برقم :
 11102996 – 23/11/2025
ثم تم تحويل المقترح إلى وزارة السياحة والآثار .
جاء الرد من قطاع مكتب الوزير :
 “ سيتم عرض المقترح على السادة المختصين للدراسة . ”
وبعدها…
تم حفظ الملف دون أي تواصل أو طلب إيضاح .
 ثم تقدّمت إلى وزارة النقل والصناعة
برقم : 
11108092 – 23/11/2025
بحثًا عن جهة تهتم بالشق الصناعي للمشروع .
وكان الرد :
 “ نعتذر لعدم الاختصاص . ”
حولها الي وزارة النقل مع انهم تبع وزير واحد و ان مقدم المقترح للوزير الفريق كامل الوزير 
و بعدها…
تم حفظه أيضًا .
 وهكذا تموت الأفكار…
ليس لأنها ضعيفة ،
ولا لأنها غير قابلة للتنفيذ ،
بل لأنها تمر عبر “ شباك موحّد ” يقف خلفه موظف لا يملك الأدوات ولا الخبرة لتقييم المشاريع المبتكرة .
موظف واحد يقرّر :
هل تُعرض الفكرة ؟
هل تُناقش ؟
أم تُدفن ؟
وفي أغلب الأحيان…
تُدفن .
 مفارقة غريبة : 
بناء 10 آلاف غرفة أسهل من تجربة جديدة صغيرة !
الفندق مشروع تقليدي يسهل فهمه ،
أما الابتكار — حتى لو كان صغيرًا — يحتاج عقلًا منفتحًا وصبرًا وجرأة .
في الدول المتقدمة :
الأفكار الجديدة تُعرض على لجان تقييم، خبراء ، صناديق ابتكار .
اما عندنا :
تُعرض على
 “ موظف غير مختص ”…
فتختفي .
 اذا ما الذي تحتاجه مصر الآن ؟
لا أحد يعترض على التطوير، ولا على بناء فنادق جديدة.
لكن التطوير الحقيقي يجب أن يكون متعدد الاتجاهات :
تجارب سياحية مبتكرة
تكلفة أقل
مردود أعلى
هوية مصرية واضحة
حلول خارج الصندوق إلى جانب الحلول التقليدية
والأهم :
نظام يستمع… يناقش… ولا يحفظ الأفكار في الأدراج .
و في الخاتمة :
الأفكار لا تموت لأنها سيئة ،
بل لأننا لم نمنحها الفرصة أن تُفهم .
ومستقبل السياحة المصرية لن يُبنى فقط بالغرف الفندقية ،
بل بالأفكار التي تخلق تجربة…
وبالعقول التي ترى ما لا يراه غيرها…
وبالأنظمة التي تحمي الابتكار بدل أن تخنقه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot