اعداد/م.عماد سمير
دلائل علمية حديثة تربط بروتين الأمعاء بالمزاج وتحسن أعراض الاكتئاب
دراسة واعدة رغم الحاجة للمزيد من البحث :
أظهرت أبحاث علمية حديثة أن هناك تركيزًا متزايدًا لدى العلماء على العلاقة بين الأمعاء والدماغ، وبشكل خاص على دور بروتينات الأمعاء في التأثير على الحالة المزاجية والحالة النفسية، بما في ذلك أعراض الاكتئاب.
أحد هذه البروتينات التي أثارت الاهتمام في الأبحاث الحديثة هو بروتين يُعرف باسم «ريلين» (Relin)، الذي يوجد بنسب مختلفة في الجسم، ومن ضمنها الأمعاء. يشير البحث العلمي إلى أن هذا البروتين قد يلعب دورًا مهمًا في دعم الحاجز المعوي والحفاظ على سلامته، وهو ما يرتبط بدوره بشكل وثيق بوظائف محور الأمعاء–الدماغ، الذي ينظم الرسائل الكيميائية والعصبية بين الجهاز الهضمي والمخ.
الارتباط بين «ريلين» وصحة الأمعاء والمزاج
درست دراسة حديثة نشرت في مجلة Chronic Stress دور بروتين ريلين في الأمعاء، وُجد أن التوتر المزمن يقلل بشكل واضح من مستويات هذا البروتين في الجهاز الهضمي لنماذج حيوانية، وهو ما يصاحبه ضعف في تجدد خلايا بطانة الأمعاء وزيادة في النفاذية المعوية.
ووفقًا للباحثين، فإن انخفاض مستويات ريلين قد يؤدي إلى زيادة نفاذية الحاجز المعوي، مما يسمح بدخول مواد مهيجة وسموم إلى مجرى الدم، وهو ما قد ينشط استجابات مناعية التهابية مرتبطة بتفاقم أعراض الاكتئاب، بحسب تفسير محور الأمعاء–الدماغ الذي يتلقى اهتمامًا متزايدًا في العلم الحديث.
نتائج تجريبية واعدة لكنها مبكرة
في التجارب على نماذج حيوانية (مثل الفئران)، أظهر إعطاء حقنة واحدة من بروتين ريلين بجرعات معينة تحسنًا في سلوكيات شبيهة بالاكتئاب واستعادة لوظائف بطانة الأمعاء، وهي نتائج تشبه تأثير مضادات الاكتئاب السريعة في بعض الدراسات، ما يفتح الباب أمام احتمالات علاجية مستقبلية عبر استهداف هذا البروتين.
ما الذي يعنيه هذا للمصابين بالاكتئاب؟
رغم النتائج المبكرة الواعدة، يحذر الخبراء من أن هذه الأبحاث ما تزال في مرحلة ما قبل السريرية. بمعنى آخر:
النتائج تأتي من نماذج حيوانية وليس بتجارب بشرية موسعة بعد.
لا يزال من المبكر التأكيد على أن تعديل مستويات بروتين ريلين يمكن أن يكون علاجًا آمنًا وفعالًا للاكتئاب لدى الإنسان.
هناك حاجة لإجراء مزيد من الدراسات السريرية للتأكد من هذه النتائج وفهم الآليات الدقيقة وراء تأثير البروتين على المزاج.
اتجاهات البحث المستقبلية
تشير النتائج إلى أن محور الأمعاء–الدماغ هو هدف واعد للأبحاث المستقبلية في الطب النفسي والغدد العصبية، وأن البروتينات والأحماض والناقلات التي تنظم هذا الاتصال يمكن أن تقدم آفاقًا جديدة لعلاج اضطرابات المزاج والاكتئاب، خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في الجهاز الهضمي إلى جانب أعراض نفسية.
مختصر المقال:
الأبحاث العلمية الحالية تشير إلى أن بروتينًا في الأمعاء مثل ريلين قد يكون مرتبطًا بشكل غير مباشر بصحة المزاج والتحكم في أعراض الاكتئاب عبر تأثيره على الحاجز المعوي ومحور الأمعاء–الدماغ، لكن هذه النتائج ما تزال في مراحلها الأولى، وتتطلب دراسات بشرية أوسع قبل استخدامها في العلاج السريري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق