لم يكن البُعد عن الدين يومًا علامة تقدّم، كما لم يكن الالتزام به عائقًا عن الحياة.
لكن الواقع يكشف أن الابتعاد عن القيم الدينية كان أحد أبرز أسباب الفراغ الروحي، والاضطراب النفسي، والتفكك المجتمعي الذي نعيشه اليوم.
الدين ليس طقوسًا جامدة تُؤدى في أوقات محددة، بل منظومة حياة متكاملة، تُنظم علاقة الإنسان بربه، وبنفسه، وبالآخرين.
وحين يُقصى الدين عن المشهد، لا يختفي أثره فقط، بل تختفي معه المعايير، ويختل الميزان بين الحق والباطل، وبين الحرية والفوضى.
لقد ظنّ البعض أن الاستغناء عن الدين يفتح أبواب التنوير، فإذا به يفتح أبواب القلق، ويُضعف معنى المسؤولية، ويُفرغ الإنسان من قيمه الأخلاقية تحت شعارات براقة لا تصمد أمام الواقع.
إن أخطر ما في البعد عن الدين أنه يتم بصمت؛ يبدأ بالتقصير، ثم الاعتياد، ثم التبرير، حتى يصبح الغياب الكامل أمرًا طبيعيًا لا يُستشعر خطره إلا بعد فوات الأوان.
والعودة إلى الدين ليست تراجعًا، بل وعيًا متأخرًا بأن الطمأنينة لا تُشترى، وأن القيم لا تُستبدل، وأن الإنسان بلا إيمان يفقد بوصلته مهما امتلك من وسائل التقدم.
فالدين لم يكن يومًا ضد الحياة،
بل كان دائمًا الضامن الوحيد لسلامها.
خلود محمد احمد محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق