بقلم المستشار / عادل خفاجى
لطالما اعتُبرت المؤسسات التعليمية ملاذاً آمناً وواحة للتربية والتحصيل. لكن عندما تتسرب إلى هذه الأماكن، التي يفترض بها أن تكون مقدسة، أفكار ملوثة وشذوذ أخلاقي – كما كشفت عنه الحوادث المروعة الأخيرة – فإن الواحة تتحول إلى بؤرة للخطر. هذا التحول يدق أجراس الإنذار ويستدعي تحركاً صارماً وموحداً من قبل المجتمع والدولة معاً.
اهتزاز الثقة في قلاع التعليم
لقد هزت الأنباء المتداولة مؤخراً، والمتعلقة بانتهاكات جسيمة لبراءة الأطفال داخل إحدى المدارس الدولية، صميم الثقة المجتمعية. هذه الثقة ممنوحة لمؤسسات من المفترض أن تكون خط الدفاع الأول عن أبنائنا.
إن ما يمكن وصفه بـ "اغتيال البراءة" يتجاوز كونه مجرد حادث معزول؛ إنه مؤشر صارخ على فشل منظومي في تطبيق معايير الحماية الصارمة، والرقابة الأخلاقية والإدارية الضرورية داخل هذه الصروح التعليمية.
فجوة الرقابة: تداعيات الإهمال الإداري
تكمن المشكلة المحورية في الغياب الفعلي للرقابة المستمرة والفعالة على سلوكيات العاملين. قد تستغل بعض المدارس الخاصة، للأسف، الثقة المجتمعية الممنوحة لها للتهاون في تطبيق إجراءات فحص شاملة ومدققة للسجلات المهنية والسلوكية لموظفيها.
والأدهى من ذلك، هو التعامل مع قضايا الانتهاك في الخفاء، خلف الأبواب المغلقة، في محاولة يائسة لحماية "سمعة المؤسسة". هذا النهج يرسخ ثقافة الصمت المقيتة التي تمنح المعتدي فرصة ذهبية للإفلات من العقاب، وتهدد بتكرار جريمته.
مسؤولية مجتمعية ويقظة مطلوبة على كل المستويات
إن مهمة حماية الأطفال من أي اعتداءات أخلاقية تتطلب يقظة شاملة، لا تقتصر على دور الأسرة فقط، بل يجب أن تمتد لتشمل الإطار القانوني والتربوي بالكامل:
* الردع التشريعي: لا بد من مراجعة وتغليظ القوانين لفرض عقوبات أكثر صرامة وردعاً على أي تقصير إداري أو إهمال يُعرض الأطفال للخطر داخل المؤسسات التعليمية. يجب أن تطال العقوبة المسؤول القانوني والإداري للمدرسة حال ثبوت إخفاقهم في واجب الحماية.
* التدقيق السلوكي والأخلاقي: يجب فرض تدقيق نفسي وأخلاقي دوري ومفاجئ على جميع الكوادر التعليمية والإدارية في المدارس، وعدم الاكتفاء بالتدقيق الجنائي الأولي والسجلات الرسمية.
*تمكين الطفل وتعليمه: يجب على المدارس بذل جهد حقيقي لتعليم الأطفال مبادئ الأمان الجسدي وحقوقهم في الرفض والاعتراض على أي لمسة أو سلوك يثير قلقهم. والأهم هو توفير قنوات إبلاغ آمنة وسرية (مثل مرشد نفسي متخصص، أو صندوق شكاوى مغلق) لتشجيعهم على البوح.
استثمار في الأمان وإعادة بناء الثقة
إن الأثر النفسي المدمر لهذه الجرائم على الأطفال هو الكارثة الأكبر. لذا، يتطلب التعامل مع الضحايا تدخلاً نفسياً فورياً وشاملاً وطويل الأمد، بهدف رئيسي هو مساعدة الطفل على تجاوز الصدمة المؤلمة واستعادة إحساسه الأساسي بالأمان والثقة.
يجب على المجتمع أن يتبنى قناعة راسخة بأن أي حادث اعتداء على البراءة هو جريمة مجتمعية بامتياز، وليست مجرد حادث فردي. ينبغي علينا العمل بجد لضمان أن تكون كل مدرسة، سواء كانت دولية أم حكومية، هي بحق قلعة حصينة وملاذ آمن، يستحيل على أي "فكر ملوّث" أن يخترق أسوارها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ربنا يكرمك سيادة المستشار على هذا الطرح الجيد
ردحذفاحسنت القول سيادة المستشار و من الضروري فعلا تعديل القوانين و حسبي الله و نعم الوكيل في هؤلاء الوحوش ...
ردحذفالف شكر على التعليق
حذفكلام محترم ينمّ على ادراك و دراية بالواقع فلابد من فرض رقابة اجبارية على جميع المؤسسات التعليمية الخاصة منها و العام.
ردحذفلا فض فاك سيادة المستشار
اشكرك
ردحذف