الخميس، 23 أكتوبر 2025

مصر .. مصنع أوروبا القادم !!!

من تحويل المستوردين إلى صناعيين .. إلى شراكة تصنيع أوروبية  –  مصرية قائمة على المنفعة المشتركة .
بقلم :  ماهر حسن مفتاح 
كاتب صحفي في الاقتصاد السياسي
في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة ، يتجه العالم نحو إعادة رسم خرائط الإنتاج وسلاسل التوريد .
ومع تزايد التوترات في شرق آسيا وارتفاع تكاليف النقل والطاقة، بدأت أوروبا تبحث عن شركاء جدد لتوطين الصناعة بالقرب من أسواقها، لتقليل الاعتماد على المصانع البعيدة في الصين أو الهند أو أمريكا اللاتينية .
وهنا تبرز مصر كأحد أهم المرشحين لقيادة هذا التحول .
رؤية السيسي .. من الشراكة السياسية إلى الشراكة الإنتاجية
في القمة المصرية الأوروبية التي تعقد في بروكسل هذه الايام ،
 دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى " شراكة قائمة على المصلحة "
 تقوم على جعل مصر منصة حقيقية للتصنيع المشترك والاستثمار والتصدير ، بما يخدم الطرفين معًا.
وهذه الدعوة ليست سياسية فقط، بل تعبّر عن تحول في فلسفة التنمية المصرية :
 من الاعتماد على السوق المحلي إلى التكامل الاقتصادي مع أوروبا والعالم .
من فكرة المستورد إلى الصناعي .. إلى مستورد أوروبي يصنع في مصر
قبل أشهر ، طُرحت فكرة جريئة تدعو إلى تحويل المستوردين المصريين إلى شركاء في الصناعة المحلية ، من خلال تصنيع ما كانوا يستوردونه في الأصل ، مستفيدين من معرفتهم بالسوق والمستهلك والمورد الخارجي .
واليوم يمكن توسيع هذه الفكرة إلى مستوى دولي :
لماذا لا تتحول مصر إلى مصنع أوروبا ؟
فبدل أن يستورد التاجر الأوروبي منتجاته من الصين أو الهند أو البرازيل، يمكنه أن يصنعها في مصر، حيث تتوافر :
 العمالة الماهرة منخفضة التكلفة .
 الموقع الجغرافي الفريد على  مفترق قارات العالم القديم .
 سهولة النقل والتوصيل لأوروبا خلال أيام بدل أسابيع .
اتفاقيات تجارية مميزة مع الاتحاد الأوروبي والكوميسا وأفريقيا .
استقرار سياسي واقتصادي متنامٍ يجعل الاستثمار طويل الأمد ممكنًا وآمنًا .
نموذج التعاون :
 “ التصنيع بناءً على الطلب ”
الفكرة تقوم على أن يقوم المستورد الأوروبي بتحديد :
نوع المنتج الذي يحتاجه
المواصفات الفنية والجودة المطلوبة
حجم الكميات والموازنة المالية
ثم يُنشأ المصنع أو خط الإنتاج داخل المناطق الصناعية المصرية ، بالتعاون مع شركاء محليين أو رجال أعمال مصريين .
وهكذا، تتحول مصر إلى مركز تصنيع بالطلب ( Manufacturing on Demand ) يخدم الأسواق الأوروبية والعالمية ، بنفس الجودة التي يطلبها المستورة ، ولكن بتكلفة إنتاج وشحن أقل بنسبة تتراوح بين 20 % إلى 40 % .
أرقام ودلالات !!
يبلغ حجم الواردات الأوروبية من الصين أكثر من 580 مليار يورو سنويًا .
خفض هذه النسبة بنسبة 10 % فقط لصالح مصانع مصرية يعني تدفق 58 مليار يورو سنويًا من الاستثمارات الجديدة وفرص العمل داخل مصر .
متوسط أجور العمالة في مصر أقل بـ  65 % إلى 70 % من أوروبا الشرقية ، مع كفاءة متزايدة في قطاعات النسيج والدواء والإلكترونيات .
شراكة نفعية ..  لا تبعية
هذه الشراكة ليست إحلالًا لعلاقة المستورد بالمُنتج فقط ، بل صيغة جديدة من التعاون القائم على المنفعة المتبادلة كما أكد الرئيس السيسي .
فأوروبا تستفيد من الإنتاج القريب منخفض التكلفة ، ومصر تستفيد من نقل التكنولوجيا ، خلق الوظائف ، وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي من خلال تصدير الفائض .
نحو رؤية استراتيجية جديدة
ما تحتاجه مصر اليوم هو تحالف ذكي بين الدولة والمستوردين والمستثمرين الأوروبيين، لبناء مناطق صناعية مشتركة تعتمد على الطلب الأوروبي وتستهدف التصدير المستدام .
إنها ليست مجرد صناعة ، بل مشروع هوية اقتصادية جديدة لمصر :
 دولة تصنع للعالم ، لا فقط تستهلك منه .
ومثلما قال الرئيس السيسي :
 " الشراكة الحقيقية تقوم على المصلحة .. ومصر اليوم جاهزة لتكون واجهة أوروبا في الصناعة والاستثمار . "

هناك تعليق واحد:

Post Top Ad

Your Ad Spot