بقلم المستشار/ عادل خفاجى
تُعد ظاهرة تزايد أعداد الكلاب الضالة في المدن والمناطق السكنية تحديًا اجتماعيًا وبيئيًا وصحيًا لا يمكن تجاهله. فبينما يرى البعض فيها خطرًا يهدد سلامة المواطنين، يرى فيها آخرون أرواحًا بريئة تحتاج إلى حلول قائمة على الرفق بالحيوان. إن إيجاد التوازن بين هذين الاعتبارين هو جوهر أي استراتيجية ناجحة
أولاً: الأبعاد السلبية للمشكلة
تتجلى خطورة الكلاب الضالة في عدة جوانب رئيسية
التهديد الصحي : تُعد الكلاب الضالة ناقلاً محتملاً لأمراض خطيرة مشتركة بين الإنسان والحيوان، أبرزها داء الكلب (السعار)، بالإضافة إلى الأمراض الجلدية والطفيليات. كما أن انتشار فضلاتها في الأماكن العامة يمثل مصدرًا للتلوث
خطر السلامة العامة : تتسبب تجمعات الكلاب الضالة في حالات هجوم وعض على المارة، وخاصة الأطفال وكبار السن، مما يؤدي إلى إصابات خطيرة وقد تزرع الخوف والقلق في نفوس السكان، وتعيق الحركة في الشوارع ليلًا
الحوادث المرورية : تُساهم الكلاب الضالة في وقوع حوادث مرورية، خاصة على الطرق السريعة والأحياء الداخلية، نتيجة عبورها المفاجئ أو مطاردتها للسيارات
ثانياً: قصور الحلول التقليدية
على مدى عقود، اعتمدت العديد من البلديات حول العالم على حلول تقليدية أثبتت عدم فعاليتها على المدى الطويل، بل وأثارت جدلًا أخلاقيًا
القتل الرحيم/الإعدام : هذا الأسلوب، بالإضافة إلى كونه غير إنساني ويخالف مبادئ الرفق بالحيوان، لم ينجح في السيطرة على الأعداد فالأبحاث تشير إلى أن إزالة الكلاب من منطقة ما تُنشئ "فراغًا بيئيًا" سرعان ما تملؤه مجموعات جديدة عبر التكاثر السريع أو الهجرة من مناطق مجاورة
)CNVR) ثالثاً : الحلول المستدامة والإنسانية برنامج
تتجه الاستراتيجيات الحديثة والمستدامة عالميًا إلى تطبيق برامج تعتمد على الرفق بالحيوان والتحكم العلمي في الأعداد، وأبرزها برنامج "الإمساك، التعقيم/الخصي، التطعيم، والإطلاق" (Catch, Neuter, Vaccinate, Release - CNVR)
التعقيم/الخصي (التحكم في الأعداد) يتم إمساك الكلاب، تعقيمها جراحيًا لضمان عدم تكاثرها، ووضع علامة مميزة لها (مثل قص جزء من الأذن). هذه هي الخطوة الأكثر أهمية في كبح التزايد السكاني على المدى الطويل
* التطعيم (السيطرة على الأمراض) : يتم تطعيم الكلاب ضد داء الكلب قبل إطلاقها، مما يقلل بشكل كبير من الخطر الصحي على الإنسان والحيوانات الأليفة.
* الإطلاق في نفس المنطقة : يُعاد الكلب إلى منطقته بعد التعافي. هذا الإجراء يحافظ على وجود مجموعة مستقرة ومعقمة ومحصنة تدافع عن منطقتها ضد أي كلاب غير معقمة أو مريضة قد تحاول الهجرة إليها
رابعاً: دور المجتمع والمسؤولية المشتركة
لا يمكن للجهات الحكومية وحدها حل هذه الأزمة ، يجب أن تكون هناك شراكة مجتمعية فعالة
مسؤولية الملاك التوعية بأهمية تعقيم وترخيص الكلاب المنزلية لمنع تحولها إلى كلاب ضالة، ومحاسبة من يتخلى عن حيوانه الأليف.
دور منظمات دور منظمات الرفق بالحيوان العمل كشريك تنفيذي لبرامج التعقيم والتوعية، وتوفير المأوى المؤقت للكلاب المريضة أو التي تحتاج لرعاية خاصة
التثقيف والتوعية نشر الوعي حول كيفية التعامل الآمن مع الكلاب الضالة، وعدم إلقاء فضلات الطعام في الأماكن العامة التي قد تجذبها..
في الختام، إن معالجة مشكلة الكلاب الضالة لا تتطلب فقط جهدًا أمنيًا أو صحيًا، بل تتطلب استثمارًا في حلول علمية وإنسانية تُشرك كافة أفراد المجتمع لضمان سلامة الإنسان وحماية حقوق الحيوان في آن واحد، بما يؤدي إلى شوارع أكثر أمانًا وهدوءًا.
احسنت القول سيادة المستشار و يجب الاخذ بمقال سيادتكم لايجاد حلول جيدة لحماية الانسان مع حفظ حقوق الحيوان
ردحذفبارك الله في سيادتكم
هذا تقديرٌ كبيرٌ أعتز به، وشكرًا جزيلاً على هذه الكلمات الطيبة والدعاء الكريم
حذفشكرا لالقاءك الضوء على هذه المشكلة الحقيقة،مقال رائع.
ردحذفمقال جميل يعكس الفكر الرحيم مع إعمال العقل للمصلحة العامة.... شكرا جزيلا لوقتك👏👏
ردحذفأسعدني جداً أن المقال نال استحسانكم، وتأييدكم لضرورة الأخذ به يؤكد أهمية الموضوع وحاجتنا المُلحة لإيجاد حلول متوازنة تحقق حماية الإنسان وفي الوقت نفسه تحفظ حقوق الحيوان. هذا هو بالفعل الهدف الأسمى: بناء مجتمع يزدهر فيه الإنسان في بيئة تراعي جميع الكائنات الحية.
حذفأسعدني جداً أن المقال نال استحسانكم، وتأييدكم لضرورة الأخذ به يؤكد أهمية الموضوع وحاجتنا المُلحة لإيجاد حلول متوازنة تحقق حماية الإنسان وفي الوقت نفسه تحفظ حقوق الحيوان. هذا هو بالفعل الهدف الأسمى: بناء مجتمع يزدهر فيه الإنسان في بيئة تراعي جميع الكائنات الحية.
ردحذف