الأربعاء، 11 يونيو 2025

الثأر بين الموروث الثقافي وتهديد الأمن المجتمعي

كتب /محمود محمد مطاوع


تعد ظاهرة الثأر في صعيد مصر من أخطر التحديات التي تهدد الاستقرار المجتمعي حيث تُحصد أرواح العشرات سنويا خاصة من فئة الشباب ورغم التطورات القانونية والاجتماعية التي شهدتها الدولة المصرية  لا تزال ظاهرة "سلسال الدم" متكررة في كثير من قرى ونجوع الصعيد .
الثأر في الصعيد ليس مجرد فعل جنائي بل هو نتاج منظومة ثقافية ضاربة في الجذورحيث يُنظر الى القتل كوسيلة لاسترداد الكرامة ورد الاعتبار وفي مجتمع تحكمه التقاليد القبلية بدرجة تفوق سلطة القانون أحيانا يتحول الثأر إلى سلسلة لا تنتهي من القتل المتبادل ما يخلق دائرة عنف مغلقة تهدد السلم الأهلي.
ترجع ظاهرة الثأر في الصعيد إلى جذور قبلية قديمة حيث كانت القبائل تحكم نفسها عبر أعراف محددة منها الأخذ بالثأر كأداة لتحقيق العدالة. ومع مرور الوقت تكرست هذه الأعراف وتوارثتها الأجيال خصوصا في ظل ضعف مؤسسات الدولة  في بعض المراحل التاريخية.
وتُربط مسألة الشرف والكرامة في المجتمعات الصعيدية بالقدرة على "الرد" في حال وقوع اعتداء ويُنظر إلى العفو أحيانا على أنه ضعف ما يعزز من استمرارية حلقات الثأر بين العائلات والقبائل.
يدفع الثأر بعض العائلات إلى الهجرة القسرية من قراها ما يؤدي إلى تفكك الأسر وتشرد الأبناء.
كما يتأثر الشباب نفسيا، ويحرم الكثير منهم من التعليم أو العمل بسبب الخوف من القتل أو الانتقام.
مما يجعل  الأجيال الجديدة تنمو في بيئة تؤسس للعنف كوسيلة للدفاع عن الكرامة، ما يفاقم من اتساع رقعة الظاهرة.
اما من الناحية الامنية تشكل ظاهرة الثأر تحديا أمنيا جسيما للدولة حيث تستنزف الموارد الأمنية في فض النزاعات وحماية الأطراف المتنازعة.
كما ان استخدام  الأسلحة النارية غير المرخصة على نطاق واسع تصعب عمليات التنمية في المناطق المتأثرة بالعنف.
وغالبا ما ترتبط ظاهرة الثأر بوجود جماعات خارجة عن القانون، ما يعقد الجهود الأمنية ويزيد من حالة الاحتقان المجتمعي.
وبالرغم من  صعوبة التعامل مع الظاهرة بذلت الدولة جهودا في الحد من الثأرمنها المصالحات العرفيةالتي تقوم بها الجهات الأمنية بالتعاون مع رجال الدين والعائلات الكبرى.
نشر الوعي الثقافي من خلال حملات توعية في المدارس والمساجد والكنائس.
تشديد العقوبات على من يثبت تورطه في جرائم الثأر لكن هذه الجهود ما تزال غير كافية بدون معالجة جذرية للثقافة السائدة ومشاركة حقيقية من المجتمع المدني.
ولمواجهة هذه الظاهرة لابد من  ضمان محاكمات عادلة وسريعة للجناة لاستعادة ثقة الناس في القانون.
التثقيف الديني والإعلامي عبر إبراز قيم التسامح والعفو ونبذ ثقافة الانتقام.
اقامة مراكز وساطة اهليه بالقرى والنجوع  تضم قادة مجتمعيين ورجال دين لحل النزاعات قبل ان تتفاقم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot