ابانوب رفعت
الإدمان… الخطر الصامت الذي ينهش المجتمع
المخدرات: بوابة الخراب النفسي والجسدي والأسري
في زوايا خفية من المدن والقرى، وفي أحيان كثيرة تحت أعين الجميع، تتفشى ظاهرة الإدمان كحريق صامت، يحرق مستقبل الشباب ويهدد استقرار الأسرة والمجتمع. فبين الحبوب المخدرة، والهيروين، والترامادول، وأنواع جديدة من "المخدرات الرقمية"، يجد مدمنون أنفسهم محاصرين في دائرة من الألم، والعزلة، والتدمير الذاتي.
الإدمان في أرقام
تشير تقارير صادرة عن جهات صحية محلية ودولية إلى تزايد أعداد المدمنين، لا سيما بين فئة الشباب. وتربط الدراسات بين البطالة، وسوء الحالة النفسية، وضعف التوعية الأسرية، وبين احتمالات الانجراف نحو تعاطي المخدرات.
كما أن انتشار المواد المخدرة لم يعد مقتصرًا على الأحياء الفقيرة، بل امتد إلى الجامعات والنوادي ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم ترويج المخدرات بطرق مبتكرة ومخيفة.
أضرار كارثية لا تقتصر على الجسد
الإدمان لا يدمر الجسد فقط، بل ينسف شخصية الإنسان، ويعزله عن مجتمعه، ويدفعه أحيانًا إلى الجريمة.
فالمواد المخدرة تؤثر مباشرة على الجهاز العصبي، وتسبب هلاوس، نوبات اكتئاب حادة، فقدان الذاكرة، وقد تنتهي بالوفاة.
أما اجتماعيًا، فالمدمن يصبح عبئًا على أسرته، ويتعرض للعنف أو التهميش، وقد يتورط في جرائم سرقة أو اعتداء من أجل تأمين جرعة.
الأسرة… خط الدفاع الأول
يبقى دور الأسرة جوهريًا في الوقاية من الإدمان. فالحوار المفتوح، والمتابعة النفسية، والمراقبة غير المباشرة، تصنع فارقًا كبيرًا في حماية الأبناء.
كما أن ملاحظة تغيرات سلوكية مثل الانطواء المفاجئ، تقلبات المزاج، أو تراجع المستوى الدراسي قد تكون إشارات أولية لبدء التعاطي.
جهود الدولة والعلاج
تسعى الدولة من خلال صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، والمستشفيات المتخصصة، إلى تقديم العلاج مجانًا وسريًا للمحتاجين.
لكن التحدي الحقيقي يكمن في كسر حاجز الخوف والوصمة الاجتماعية التي تمنع كثيرين من طلب المساعدة، خوفًا من الفضيحة أو النبذ.
في الختام… مسؤولية جماعية
مكافحة الإدمان ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل هي واجب مشترك بين الأسرة، والمدرسة، والإعلام، ورجال الدين، وكل فئات المجتمع.
ولعل السؤال الذي نطرحه جميعًا:
كم من شاب أو فتاة يمكن إنقاذهم لو امتدت إليهم يد الوعي في الوقت المناسب؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق