الثلاثاء، 4 فبراير 2025

الهدنة الهشة وصراع النفوذ: مصر كحجر الزاوية في معادلة الجيوبوليتيك المائي والحقوقي


---
مقدمة:
 مصر.. بين "الواقعية السياسية" و"المجال الحيوي"

في خضم التصعيد الإسرائيلي-الفلسطيني، تبرز مصر كفاعل جيواستراتيجي مركزي، لا يُختزل دورها في الوساطة التقليدية، بل يمتد ليشمل "العمق الاستراتيجي" الذي يحفظ توازنات المنطقة. فبينما تُعَدُّ القضية الفلسطينية جزءًا من "المجال الحيوي" المصري، تتعرض مصر لضغوط جيوسياسية غير مسبوقة، تتراوح بين "الجيوبوليتيك المائي" (سد النهضة) ومحاولات "الهندسة الديمغرافية" في غزة، في إطار صراع دولي يُدار عبر "حروب الوكالة" و"الدبلوماسية القسرية".

---
ترامب: "القوة الذكية" بين التضليل الإعلامي والابتزاز الممنهج
استخدم ترامب ما يُعرف بـ"القوة الذكية"، التي تجمع بين "القوة الناعمة" (الدعاية) و"القوة الصلبة" (التهديدات)، لتصدير نفسه كـ"وسيط سلام" بينما يمارس ضغوطًا عبر "الدبلوماسية الفوضوية". تصريحاته حول تهجير الغزاويين إلى سيناء ليست سوى محاولة لـ"تفريغ الصراع" من مضمونه الحقوقي، وتحويله إلى قضية "لاجئين" بدلًا من "تحرير أرض"، وهي استراتيجية تهدف إلى "تطبيع التهجير" تحت غطاء إنساني زائف.

---

إسرائيل: "إدارة التوحش" وخرائط "الشرعنة الزائفة"  
تعتمد إسرائيل على "إستراتيجية التمكين الديمغرافي"، عبر خلط الأوراق بين "الأمن القومي" و"التطهير العرقي البطيء"، مستخدمةً أدوات مثل "حرب السرديات" لتشويه صورة الوساطة المصرية. نشر صور لقاءات مصرية-إيرانية (حتى لو كانت قديمة) يندرج تحت "الحرب النفسية اللامتماثلة"، بهدف تقويض مكانة مصر كـ"حَكَم إقليمي". كما تُوظف إسرائيل ملف سد النهضة كورقة ضغط ضمن "الابتزاز الهيدروبوليتيكي"، لفرض صيغة حلول تخدم أمنها المائي على حساب مصر.

---

مصر: "السيادة المائية" و"الدبلوماسية الوقائية".. خطوط حمراء لا تُجارى
تُعرِّف مصر نفسها كـ"حارس للشرعية الإقليمية"، حيث ترفض أي مساس بـ"السيادة المطلقة" على مواردها المائية، والتي تُعد قضية سد النهضة اختبارًا لـ"الأمن القومي المائي". في الوقت ذاته، ترفض القاهرة الانزلاق إلى أي "مشروع تهجير ديمغرافي قسري"، الذي يُشكِّل انتهاكًا لمبدأ "عدم القابلية للتصرف في الأراضي" وفق القانون الدولي. هنا، تتحول الدبلوماسية المصرية إلى "دبلوماسية وقائية"، تعتمد على توازن دقيق بين "الواقعية السياسية" و"الحقوق التاريخية" للفلسطينيين.

■أبعاد الموقف المصري:  
- "التوازن الهيدروبوليتيكي": ربط ملف غزة بملف سد النهضة كجزء من استراتيجية الدفاع عن "الحقوق المائية التاريخية".  
- "الهندسة الجيوسياسية": رفض أي تغيير في الخريطة الديمغرافية لغزة، باعتباره مقدمة لـ"تفكيك القضية الفلسطينية".  
- "الدبلوماسية المتعددة الأقطاب": تعزيز التحالفات مع القوى الناقمة على الهيمنة الأمريكية (مثل BRICS)، لمواجهة الضغوط الغربية.

تهجير غزة: من "القانونية الشكلية" إلى "الشرعنة الاستعمارية" 
تحاول إسرائيل تحويل التهجير القسري إلى "مشروع قانوني" عبر التلاعب بمصطلحات مثل "الإخلاء الطوعي" أو "الحل الإنساني"، في إطار ما يُعرف بـ"الشرعنة الاستعمارية الجديدة". لكن مصر، بموقفها الصلب، تكشف زيف هذه السردية، مؤكدةً أن التهجير يُشكِّل "جريمة ضد الإنسانية" وفق نظام روما الأساسي، وأن أي قبول به يُعدّ انتهاكًا لـ"مبدأ السيادة الديمغرافية" الذي تحميه المواثيق الدولية.

---
■الخاتمة: مصر كـ"محور استقرار" في جغرافيا الصراع اللامتماثل 
لا تزال مصر تلعب دور "المُوازِن الإقليمي" في معادلة تعجّ بـ"التسويات الهشة" و"الصراعات اللامتماثلة". فرفضها التهجير ليس دفاعًا عن الفلسطينيين فحسب، بل حفاظًا على "العمق الاستراتيجي العربي" الذي يُشكِّل حاجزًا أمام مشاريع التفتيت الإسرائيلية-الأمريكية. السؤال الجوهري الآن: هل ستتحول الهدنة الحالية إلى "نقطة تحول جيوسياسي" تعيد ترتيب الأوراق لصالح الحقوق الفلسطينية، أم ستُختزل إلى مجرد "استراحة محارب" تُكرّس الهيمنة الإسرائيلية؟ الإجابة تعتمد على قدرة مصر وحلفائها على تحويل "القوة الناعمة" إلى "فعل جيوسياسي مؤثر" في مواجهة لعبة المصالح الدولية.
بقلم اهاب حمدي درويش

هناك تعليقان (2):

  1. ماشاء الله لا قوة الا بالله بالتوفيق ان شاء الله

    ردحذف
  2. كلام صحيح جدا جزاكم الله خيرا

    ردحذف

Post Top Ad

Your Ad Spot