الحق يقال، إن تاريخ مصر الحديث شهد محطات فارقة صنعت حاضرها وأسست لمستقبلها. فقد كانت حرب 1948 قاسمًا مشتركًا بين أبناء الشعب المصري لتحديد المصير وإنهاء الحقبة الملكية، مدفوعة بحالة السخط التي خلّفتها فضيحة الأسلحة الفاسدة. وقد شكّل ذلك دافعًا رئيسيًا لقيام ثورة 23 يوليو 1952، التي أنهت الحكم الملكي وجاءت برجل دولة مصري يقود البلاد نحو عهد جديد.
عهد عبد الناصر: الحلم القومي والصراع الأيديولوجي
حين تولى الرئيس جمال عبد الناصر (1954-1970)، أشعلت القومية العربية الحماس في نفوس المصريين، لكنها واجهت تحديات كبيرة من الأيديولوجيات العالمية التي كانت سائدة آنذاك، مثل الشيوعية الماركسية، التي كانت تحظى بدعم من الاتحاد السوفيتي. إلا أن فشل الماركسية ظهر جليًا فيما بعد، خاصة مع انهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات.
لكن خلال هذه المرحلة، مرت مصر بنكبات كبرى، أبرزها نكسة 1967، التي خسرت فيها البلاد شبه جزيرة سيناء لصالح الاحتلال الإسرائيلي، مما شكّل تحديًا مصيريًا تطلب جهودًا مضنية لاستعادة الأرض.
عهد السادات: النصر والسلام والعبء الاقتصادي
تولى الرئيس أنور السادات (1970-1981) المشهد السياسي بقوة، وتمكن من تحقيق نصر أكتوبر 1973، الذي أعاد لمصر سيادتها على جزء كبير من سيناء، وتُوج ذلك بمعاهدة السلام 1979، التي ضمنت استعادة كامل الأرض، لكن بثمن سياسي واقتصادي كبير. فقد خرجت البلاد من الحرب وهي مثقلة بالديون، وظل تأثير ذلك ممتدًا لعقود.
عهد مبارك: السلام والاستقرار بثمن المديونية
حكم الرئيس حسني مبارك (1981-2011) لأكثر من 30 عامًا، واتسمت سياسته بالحفاظ على السلام والاستقرار، مما جعله يتجنب الدخول في صراعات جديدة. كما حاول سداد بعض الديون، إلا أن البلاد استمرت تعاني من التحديات الاقتصادية. ومع تصاعد الضغوط الشعبية، اضطر إلى التنحي في 2011، تاركًا وراءه إرثًا من الاستقرار، لكن أيضًا من المديونية والتحديات الاقتصادية.
مرحلة ما بعد مبارك: التحديات والبحث عن الاستقرار
تولت مصر مواجهة رياح التغيير بعد 2011، حيث عصفت بها الأزمات السياسية والاقتصادية، حتى جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي ليتولى المسؤولية في مرحلة دقيقة. ورغم التحديات الكبرى التي واجهتها البلاد، إلا أن مصر تمكنت من الصمود أمام الأزمات، سواء الاقتصادية أو الأمنية وتخطي الأزمات طالبا للشعب الفلسطيني ان يتمسك بالارض رافضا للتهجير .
السادات وفلسطين: رؤية لم يدركها الكثيرون
لقد تعرض السادات لانتقادات واسعة بسبب موقفه من القضية الفلسطينية، عندما طالب الفلسطينيين بالحفاظ على حدود 1948، وهو أمر لم يكن واضحًا للكثيرين آنذاك. لكن مع مرور الزمن، وازدياد الاستيطان الإسرائيلي، أصبح واضحًا أن هذه الرؤية كانت تهدف للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الحقوق الفلسطينية.
الخلاصة: دروس التاريخ والثقة في المستقبل
تمر السنوات، وتظل مصر بخير، رغم كل الأزمات والمحن التي واجهتها. فقد أثبت التاريخ أن المصريين قادرون على تجاوز التحديات، وأن البلاد تمتلك من القوة والإرادة ما يمكنها من الصمود أمام الأزمات. والأهم من ذلك، أن الإيمان بالله والثقة في المستقبل هما مفتاحا الاستمرار والتقدم.
خلاصة القول، إن التاريخ يعطينا دروسًا علينا أن نتعلمها، وأن ندرك أن إرادة الله فوق الجميع، فليحسن الجميع الظن بالله، ولنتطلع إلى القادم بعون الله
بقلم اهاب حمدي درويش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق