هل نحن راضون عن أنفسنا قبل أن نحكم بأن الله راضٍ عنا؟ أم أننا غرقنا في الترف إلى حدٍّ يجعلنا نشمت في مصائب الآخرين؟ هل العقاب الإلهي يقتصر على الحرائق والأعاصير فقط، أم أن الفقر والجوع والمرض والإهمال ليست أيضًا من مظاهر الغضب الإلهي؟
لماذا يفقد الناس يوميًا جزءًا من إنسانيتهم؟ لماذا لم نعد نحزن على مقتل الأبرياء؟ حتى لو نظرنا إلى الأمر من منظور ديني أو طائفي، أين ذهبت إنسانيتنا أمام الخراب وموت الأرواح المسالمة التي لم تقترف ذنبًا سوى أنها كانت في منازلها أو أعمالها؟ وإذا تدبرنا الأمر بمنظور ديني بحت، هل يعذّب الله كل كافر أو صاحب ملة غير الإسلام؟
لماذا تُرفَق مقاطع الدمار والحرائق بآيات قرآنية وتكبيرات "الله أكبر"؟ أليس الله هو نفسه الذي أظهر آياته في البوسنة، والصومال، وموزمبيق، وإريتريا، كما أظهرها في نكبات فلسطين الحرة - بإذن الله - وفي فيضانات ليبيا وغيرها من الكوارث الإقليمية والدولية؟ أليس الله مطّلعًا على الظلم الذي انتشر بين العباد؟ فلماذا يجب أن نرفع أصواتنا بالتكبير والتشهير عند كل كارثة وكأننا نفرح بموت الإنسانية واندثار الضمير؟
إذا كنت متدينًا حقًا، فادعُ الناس إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بنشر صور الدمار والتحريض على الحرق والخراب. أنت تخاطب بشرًا، لا سياسات دول عظمى! وإن كان لك صديق هناك، فابعث له رسالة تقول: "حمدًا لله على سلامتك"، لا أن تشارك في نشر مقاطع الموت وكأنك تبارك المأساة!
الظلم ليس فكرًا غربيًا أو منهجًا عقائديًا فقط، بل هو مرضٌ يتجسد في الجهل والسادية، وهما لا دين لهما. تخيل أسرةً تشاهد الحرائق والدمار على خلفية دينية، وكأن الكارثة أصبحت مشهدًا للاستمتاع بالانتقام. هل هذا هو التدين؟ هل هذه هي الرحمة التي أمرنا بها الله؟
التاريخ كان شاهدًا على النازية والفاشية وغيرها من الإيديولوجيات التي أحرقت البشر، فهل نعيد نفس المشهد ولكن بمسميات مختلفة؟ ثم نقول إن المتدين ليس إرهابيًا؟ ربما لا يكون إرهابيًا، لكنه قد يكون سعيدًا فقط وهو يشاهد البشر يحترقون!
اللهم اهدِ قلوبنا، وارزقنا الرحمة والعدل، وأبعد عنا قسوة القلوب
اهاب حمدي
احسنت النشر
ردحذف