محمد فتحى
مصير متعاطى المواد المخدرة وفقاً لأحكام القانون 73 لسنة 2021 بشأن شروط شغل الوظائف أو الإستمرار فيها
إدمان المخدرات صار عدواً يغزو مجتمعنا وسيفاً مسلطاً على رقاب مؤسسات وأجهزة الدولة يهدد الأرواح والأموال إذ جعل الجرائم تسود حول عالمنا فكان لابد من التدخل لوقف النزيف الإجرامى الذى أصبح يشكل خطر داهم والحد من هذا الزلزال المدمر من أجل إعادة روح البناء والحفاظ على أجهزة وممتلكات الدولة وتطهيرها من الأفة التى تؤثر على عجلة الإنتاج والتقدم فقد شرع المشرع قانوناً يسرى على القائمين لخدمة الوطن وأبناءه سواء بالقطاع الحكومى أو العام أو الأعمال العام أو المؤسسات الخاصة ذات النفع العام بحيث أصبح شرطاً رئيسياً لشغل الوظائف العامة أو الإستمرار فيها أو الترقية فسن القانون رقم 73 لسنة 2021 الذى يحتوى على تسعة مواد وتم نشره بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 23 مكرر (أ) بتاريخ 16/6/2021 ولكنه لم يطلق رصاص تنفيذه وتطبيقه بغتة بل جاء برداً وسلاماً لكل من أراد وعزم أن يتراجع عن الطريق المظلم الذى إنجرف إليه ويتأهل نفسياً وصحياً ليعدل من سلوكه ويعود فرداً نافعاً لوطنه فمنحه مهلة كافية للعلاج والكف عن تناول تلك السموم التى تتلف البدن وأعضاء الجسد بحيث قرر بالمادة التاسعة على أن يطبق هذا القانون بعد مرور ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية سالف الذكر وذلك حفاظاً على مستقبله الوظيفى ومصدر رزقه وحرصاً على أسرته التى يعولها من التشرد والضياع.
فقد عرف هذا القانون بالمادة الأولى المواد المخدرة التى إذا ثبت الموظف تناولها بدون مقتضى طبى يعاقب بالفصل بقوة القانون وهى الواردة بأحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم إستعمالها والإتجار فيها وجديراً بالذكر أن المخدر قد يكون طبيعياً مثل الحشيش والأفيون والبنجو أو مصطنعاً الذى يستخرج من المخدر الطبيعى بحيث يتعرض لعمليات كيماوية يتحول بعدها إلى صورة آخرى خلاف صورته الطبيعية مثل المورفين والكودايين والهيرويين والترمادول. لكن القانون المذكور لم يتطرق للمسكرات (الخمور) على الرغم من أن الأثار السلبية تتشابه بينهما وبالأخص غياب الوعى. ومن هنا نبدأ رحلة الكشف عن متعاطى العقاقير والمواد المخدرة طبقاً لأحكام وقواعد القانون المذكور وفقاً لما يلى:
1) تتولى الجهات الحكومية المتخصصة المبينة باللائحة التنفيذية للقانون المذكور أعلاه والتى تحمل رقم 1 لسنة 2022 القيام بالمهمة المنوطة بها للكشف عن متعاطى العقاقير والمواد
المخدرة من خلال تشكيل لجان فنية مكونة من كوادر طبية وفنية مع وضع خطة سنوية بالتسيق مع جهات العمل التى يسرى عليها هذا القانون والإنتقال إليها فى سرية تامة بعد إخطار رئيس الجهة أو من ينوب عنه وتعد محضر إجراءات يثبت فيه كل صغيرة وكبيرة تجرى أثناء عملية التحليل ومكان وزمان إنعقادها وأسماء وصفات أعضائها الممثلين ومزيل بتوقيعهم وعدد العاملين الواقع عليهم الإختيار لإجراء التحليل والحاضرين فى ذلك الوقت من واقع كشوف الحضور والإنصراف والتأكد من هوية كل عامل من خلال البطاقة الشخصية "الرقم القومى" بحيث لا يحق بعدها خروج العامل إلا فى حالة الضرورة وبموافقة مسببة من رئيسه المباشر وكذلك لا يجوز له التنصل عن إجراء التحليل بدون عذر مقبول متى طلب منه وإلا يعد ذلك سبباً موجباً لإنهاء الخدمة.
2) يتحمل صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لوزارة التضامن الإجتماعى التكاليف المالية للتحليل الذى يجرى على العاملين سواء الإستدلالى أو التوكيدى.
3) تجرى اللجنة الفنية المذكورة التحليل الفجائى على العاملين المختارين بمقر جهة العمل خلال مواعيد العمل الرسمية بإعطاء كل عامل وعاء مخصص لذلك مدون عليه أسمه ورقمه المسلسل بالكشف بقلم ثابت بحيث يؤخذ فيه العينة تحت أشراف عضو متخصص فى مجال التحليل بشرط ألا يخل بخصوصية العامل أو يخدش حياءه ويتم عن طريق الكاشف الإستدلالى السريع للمخدرات بفحص البول وهو الإختبار الأكثر شيوعاً بواسطة أجهزة خاصة ويسمى بالتحليل الإستيدلالى فى حضور العامل وعند ظهور نتيجة التحليل تسجل بطريقة إلكترونية أو ورقية وترسل بعدها لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى التابع لوزارة التضامن الإجتماعى الذى يتولى إخطار جهة العمل بها لإتخاذ الإجراءات المقررة وفقاً لأحكام القانون ولكن يتعين على العامل قبل أن يجرى عليه التحليل الإفصاح عن العقاقير والأدوية التى يتناولها بإرشادات الطبيب وذلك بواسطة الشهادات الطبية المعتمدة من الجهات الطبية المختصة أو أورنيك العيادة أو الرشتة وإذا تعذر على العامل تقديمها فيحال إلى مصلحة الطب الشرعى لتوقيع الكشف الطبى عليه إكلينيكياً لبيان عما إذا كان العامل يعانى من ثمة مرض يستلزم تناوله دواء يحتوى على مادة مخدرة من عدمه بحيث يكون تقرير الطبيب الشرعى هو الفيصل بين العامل وجهة العمل تجنباً من إنهيار مستقبله الوظيفى بدون ذنب.
4) فى حالة إيجابية العينة بدون وجود مقتضى طبى يتم تحريزها ويطلع العامل عليها ويوقع بما يفيد علمه بهذه النتيجة ويتم توعيته بالحقوق المقررة له قانوناً على أن تخطر جهة العمل بتلك
النتيجة لإصدارها قرار بوقف العامل عن العمل لمدة ثلاثة شهور أو لحين ورود نتيجة التحليل التوكيدى أيهما أقرب وهو الإختبار الثانى الذى تجرية جهات متخصصه على ذات العينة السابقة بواسطة أجهزة مطياف الكتلة "الكروماتوجرافى" أو ما يماثلها وهذا بعد إجراء فحص مبدئى للعينة بأجهزة التفاعل الإنزيمى على أن يصرف للعامل نصف أجره طوال فترة الوقف
5) لكن يحق للعامل بمجرد علمة بالنتيجة الإيجابية للعينة أن يطالب الإحتكام إلى مصلحة الطب الشرعى وهو بمثابة تظلم لفحص تلك العينة مرة آخرى وذلك فى خلال أربعة وعشرون ساعة من تاريخ ظهور نتيجة التحليل الإستدلالى وإما بتوقيع الكشف الطبى عليه خلال ذات اليوم الحاصل فيه التحليل وذلك على نفقته الخاصة وبمجرد ظهور النتيجة النهائية تلتزم الجهات المتخصصة أو مصلحة الطب الشرعى بحسب الأحوال بإخطار جهة العمل بها خلال عشرة أيام عمل وفى حالة ثبوت سلبية النتيجة النهائية تلتزم جهة العمل بأن ترد للعامل كافة المبالغ التى سددها بمصلحة الطب الشرعى ونصف الأجر الموقوف وإلغاء قرار الوقف بينما فى حالة التأكد من إيجابية العينة تصدر جهة العمل قرار مسبب بإنهاء خدمة العامل بقوة القانون إعتباراً من تاريخ ظهور نتيجة التحليل التوكيدى أو الكشف الذى أجرته مصلحة الطب الشرعى ويتم إخطاره به بشكل قانونى وبعدها يحدد حقوقه طبقاً لقانون التأمينات والمعاشات واللوائح والنظم التى تحكم علاقته بجهة العمل وإذا تحصل العامل على ثمة مبالغ من جهة العمل بعد هذا التاريخ فإنه يلتزم بردها لجهة العمل وذلك نظراً لإنتهاء علاقته بها.
6) لكن يطرح التساؤل هل للموظف فى هذه الحالة الحق فى الحصول على معاش؟
فإنه وفقاً لقانون التأمينات الإجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 يحرم الموظف المفصول من صرف مستحقاته كمعاش تقاعدى حتى بلوغه سن الستين عام أو الوفاه بشرط أن يكون مدة إشتراكه التأمينى مائة وعشرون شهراً وهذا فى حالة أن يكون العامل بلغ السن القانونى للإحالة للمعاش حتى 31/12/2024 ومائة وثمانون شهراً فى حالة بلوغه للسن القانونى للإحالة للمعاش إعتباراً من 1/1/2025 ومؤدى ذلك أن حصول الموظف على المعاش يكون مرتبط بمدد الإشتراك التأمينى بحيث إذا تم فصله وجب عليه أن يسدد الإشتراك التأمينى للحصول على المعاش. وعليه فنكون قد إستعرضنا فى هذا المقال قواعد القانون الذى يخضع له المرشح للتعين بإحدى الوظائف العامة أو الترقية أو الإستمرار فيها.
د. محمد فتحى غانم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق