الثلاثاء، 25 فبراير 2025

ملف سد النهضة: ماذا بعد جمود المفاوضات؟


ابانوب رفعت

يُعد سد النهضة الإثيوبي أحد أكثر القضايا تعقيدًا في السياسة الإفريقية، حيث يمس بشكل مباشر الأمن المائي لكل من مصر والسودان. ورغم جولات التفاوض المستمرة على مدار أكثر من عقد، لا تزال الأزمة تراوح مكانها، وسط مخاوف من تأثير السد على حصة مصر التاريخية من مياه النيل. فما آخر تطورات هذا الملف؟ وما السيناريوهات المحتملة في المستقبل؟

خلفية الأزمة

بدأت إثيوبيا في بناء السد عام 2011، بهدف توليد الطاقة الكهرومائية ودعم اقتصادها. ومع تقدم عمليات البناء والملء، تصاعدت المخاوف المصرية والسودانية من أن يؤثر السد على تدفق مياه النيل إليهما، خاصة في فترات الجفاف.

رغم توقيع "إعلان المبادئ" في 2015 بين مصر والسودان وإثيوبيا، فإن الخلافات حول قواعد ملء وتشغيل السد لا تزال قائمة، حيث تصر أديس أبابا على المضي قدمًا في خططها دون اتفاق ملزم، بينما تطالب مصر والسودان بضمانات قانونية تحافظ على حقوقهما المائية.

أسباب جمود المفاوضات

1. التعنت الإثيوبي

رفض إثيوبيا الالتزام باتفاق قانوني ملزم ينظم تشغيل وملء السد.

إصرارها على اعتبار نهر النيل "ملكًا لها"، متجاهلة الحقوق التاريخية لدول المصب.



2. تباين المواقف المصرية والسودانية

رغم الاتفاق بين القاهرة والخرطوم على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني، فإن السودان يتأرجح أحيانًا في موقفه، خاصة بعد التغيرات السياسية الداخلية.



3. غياب دور فاعل للمجتمع الدولي

رغم محاولات الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي للتوسط، لم يتم فرض أي ضغوط حقيقية على إثيوبيا.

فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرارات حاسمة بسبب انحياز بعض القوى الدولية لمصالحها الخاصة.



4. الأوضاع الإقليمية المعقدة

النزاعات الداخلية في السودان وتشابك المصالح الإقليمية تؤثر على تركيز الأطراف على القضية.

استغلال إثيوبيا الأوضاع الدولية لتعزيز موقفها التفاوضي.




السيناريوهات المحتملة

1. استئناف المفاوضات تحت ضغوط دولية

قد تدفع الضغوط الأمريكية أو تدخل الاتحاد الإفريقي إلى جولة جديدة من المفاوضات.

يبقى نجاح هذا المسار مرهونًا بوجود آلية تنفيذية تجبر إثيوبيا على الالتزام بالاتفاقات.



2. التصعيد السياسي والدبلوماسي

استمرار مصر والسودان في اللجوء إلى مجلس الأمن والمنظمات الدولية.

محاولة حشد الدعم الإقليمي والدولي للضغط على إثيوبيا.



3. الخيار العسكري (الملاذ الأخير)

رغم أنه مستبعد حاليًا، إلا أن بعض المحللين لا يستبعدون لجوء مصر إلى الخيار العسكري إذا شعرت بتهديد وجودي لمواردها المائية.

هذا السيناريو قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي خطير ويزيد من تعقيد الأزمة.



4. التكيف المصري مع الأزمة

زيادة الاستثمارات في تحلية المياه والمشروعات الزراعية الذكية.

تعزيز التعاون مع دول حوض النيل الأخرى لتحقيق مكاسب مائية بديلة.




خاتمة

لا تزال أزمة سد النهضة مفتوحة على جميع الاحتمالات، لكن المؤكد أن الأمن المائي المصري والسوداني في خطر إذا لم يتم التوصل إلى حل عادل يضمن حقوق جميع الأطراف. فهل نشهد تحركًا دوليًا أكثر فاعلية في الفترة القادمة، أم أن الأزمة ستستمر دون حل؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot